شهدت فعاليات اليوم السابع للمعرض، سلسلة من الندوات التي نظمها النادي الثقافي العربي وبعض الدور المشاركة، تمحورت حول “إستقلالية القضاء ودور الثقافة والمثقفين في زمن الحرب” و“140 عاما على وفاة المعلم بطرس البستاني” و”الدولة المدنية” و”تحية إلى المطران جورج خضر”، إضافة إلى ندوة حول كتاب “مئوية الغربال”. وشهدت الفترة الصباحية نشاطًا ترفيهيًّا خاصًّا بالأطفال من خلال عرض مسرحيّة “الغراب الأسود” في عرضيْن
البداية كانت مع ندوة “إستقلالية القضاء” التي تحدّث فيها كلّ من رزق زغيب والوزير السابق رشيد درباس
زغيب لفت إلى أنّ القضاء يهدف أوّلًا وأخيرًا إلى تحقيق العدالة من خلال توزيعها بين النّاس جميعًا، وهو حقّ من حقوق الشعوب التي يفترض أنْ تحميَها الأمم المتحدّة كونها معنيّة بحفظ السّلام والأمن الدولييّْن، بينما ما يحصل في فلسطين هو مجزرة ظلم للإنسانيّة، مُستعرضًا تاريخ القضاء اللبناني منذ عهد المتصرفيّة والقضاة المتميّزين، مُتحدّثًا عن الضغط السياسي الذي يُمارَس على السلطة القضائية في لبنان، داعيًا إلى الفصل بين السِّلكيْن السياسي والقضائي بما يؤمِّن الإستقلالية
أمّا درباس فرأى أنَّ الحجرَ الأساس في لبنان هو القضاء، ويجب أن يكون مُستقلاً وأنْ يضعَ مسافة بينه وبين السلطة السياسية، وهذا يتطلب زيادة في عدد القضاة، كونها حجر الزاوية في هذا المسار، مُنتقِدًا إنتشار الفساد في مؤسسة القضاء وصمْت هيئة التفتيش عمّا يجري
كذلك نظّم النادي الثقافي العربي ندوة بعنوان “دور الثقافة والمثقفين في زمن الحرب” تحدّث فيها كلٌّ من: الوزير السابق طراد حمادة والبروفسور محمد طي والدكتورة درية فرحات
حمادة أشار إلى أنّ “الأدوات الإدراكية الإنسانية المتمثِّلة بالعقل والقلب والحدث والوجدان، تتحول ضحيّة من ضحايا وسائل الإعلام المتطورة وقد حملت معها التقنية العالية وفلسفة الإعلام الدعائية، ممّا يفتح أبواب الشكّ ويجعل الحيرة والظنّ والتّخمين القوّة القادرة على الفهم، لكنّها غير قادرة على اليقين
وتطرّق حمادة إلى علاقة العمل الإعلامي بالحدث الفلسطيني، مُعتبرًا أنَّ قضية فلسطين في موازين الحق، هي قضية عادلة لم يشهد التاريخ المعاصر بين قرنين قضية أكثر عدالة منها
أمّا الدكتورة درية فرحات، فتناولت المعنى اللغوي لكلمة مثقف والعلاقة بين المثقف والكلمة وارتباط أدب المقاومة بالصراع العربي الإسرائيلي الذي كان من رواده الأوائل الأديب الفلسطيني غسان كنفاني، مُشيرة إلى توسُّع دائرة الخطاب الأدبي وعلاقته بالحرب والتي لم تقتصر على ما يُنشَر في الصحف أو الندوات، بل إنّ مساحة التواصل الإجتماعي قدّمت لها أرضيّة كبيرة
بدوره، البروفسور محمد طي عرض لجملة من العناوين أبرزها طوفان الأقصى في نظر القانون، وطبيعة هجوم 7 تشرين الأول والدفاع عن النفس، والدروع البشرية، وبداية ونهاية المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية، وعدم تجاهل مبدأ التّناسُب، مُعتبرًا هجوم القسّام في السابع من تشرين الأول ليس عملا إرهابيًّا ، بل هو دفاع عن النفس في وجه إعتداء مستمر ومتمادٍ
ونظم النادي الثقافي العربي ندوة بعنوان ” 140 عاما على وفاة المعلم بطرس البستاني” تحدّث فيها كل من: الدكتور أنطوان سيف والدكتور هيام ملاط والدكتور خالد زيادة. أدارها سليمان بختي
سيف إستعرض ما جرى عام 1840 من أحداث، حيث كان بطرس البستاني يعمل مُترجِمًا في السفارة الإنكليزية، ثم أصبح مُعلِّمًا للغة العربية. وكانت له علاقات مع عدة شخصيات بارزة، وأنشأ مدارسَ وبرامجَ تعليم للدراسة باللغة العربية، وقام بترجمة عدة كتب حيث كان العالم العربي على تحديات مع الحداثة ، كما كان لبيروت دور مهمّ في إبراز بطرس البستاني
أمّا زيادة فقال:”في القرن التاسع عشر إثْر الحملة المصريّة على بلاد الشام وما أحدثتْه من تغييرات في المنطقة، وإعلان الدولة العثمانية، والتنظيمات التي أعلنت المساواة بين الرعايا من مختلف الطوائف، بما فيها إعلان متصرفيّة جبل لبنان والتطورات السياسية والإدارية، بما فيها إعلان ولاية سوريا من حدود حلب إلى حدود سيناء، ومن المعروف أنّ بطرس البستاني كان نشر صحيفة “ولاية سوريا” سنة 1865 وكان من دعاة النهضة العربية وسوريا بالنسبة له هي الوطن الذي يتكلم عنه في كل أدبياته
بدوره، الدكتور هيام ملاط رأى أنَّ نشأة بطرس البستاني كانت خلال مرحلة إنتقالية صعبة في جبل لبنان، حيث كانت تُهيمن السلطنة العثمانية وكانت الحياة صعبة لدى أبناء تلك المنطقة الذين كانوا يعتمدون على الحياة الزراعية، وكان البستاني من بين الذين كانت تربطهم علاقات مع الجميع في تلك المنطقة، وتُليتْ كلمة للدكتورة حُسن عبود نظرًا لوجودها خارج لبنان
ونظّم دار سائر المشرق ندوة حول كتاب “الدولة المدنية حقيقة دستورية في لبنان” للمؤلف وسام اللحام، شارك فيها كلّ من:عضو المجلس الدستوري ميراي نجم شكرالله والنائب إبراهيم منيمنة والأستاذ الجامعي جهاد نمّور
شكرالله قالت:”نحن اليوم أمام طرح مختلف يعرضه الدكتور وسام اللحام في كتابه وأبرز ما يلفت القارىء هو العنوان الذي يتكلم عن حقيقة دستورية، فالدولة المدنيّة بحسب صاحب الكتاب، ليست وهمًا ولا مشروعًا مستقبليًّا، بل هي حقيقة منصوص عليها في الدستور والمطلوب العودة إليه”، مُشيرة إلى أنّ الدولة المدنيّة هي حقيقة دستوريّة لكنّها واقع منقوص، وتستلزم تكريسًا في النّصوص التّشريعيّة،لا سيّما لجهة وضع قانون الأحوال الشخصية المدنيّة ولو إختياريًّا
أمّا النائب إبراهيم منيمنة فأشار إلى أنّ اللحام تحدى عبر كتابه مفاهيم دستورية سائدة لدى اللبنانيين حول طائفية الدولة التي هي في غالب الأحيان لا أساس لها من الصّحة، خصوصًا أنّ الطبقة السياسية الحاكمة أشبعت الناس خطابات شعبوية فارغة حول الطائفية وسمومها، مُعتبرًا أنّ خلاص لبنان يتطلب إستعادة الدولة من خلال توحدنا حول الدستور والقانون مُحصّنًا بقوى سياسية وطنية، تسعى وتعي تكريس قيم المواطنة والمساواة وحكم القانون الذي نحتاجه لإدارة الشأن العام
من جهته، تساءل نمّور عن سبب عدم إعتبار البعض أنّ الدولة اللبنانية مدنية؟ مُشيرًا إلى أنَّ قوّة كتاب اللحام تُظهر للقارىء وتقنعه بأنّ الدولة اللبنانية مدنية، مُعتبرًا أنَّ السلطة في لبنان هي بيد رجال الدّين
كما نظّم النادي الثقافي العربي “تحية إلى المطران جورج خضر” تحدّث فيها كل من:حسن داوود ومارلين كنعان
الروائي داوود قال:”إنّ المطران جورج خضر كان أستاذنا وكان يرى في المودة التي جمعت بيننا صداقة، وكنا نخشى الإقرار بذلك خوفًا من أنْ نُرى بأننا مُدّعين، هذا المطران الذي أضاف إلى موقعه ميراثًا كبيرًا وحضوره الشخصي وكاريزماه، كان يرشدنا إلى وجود الشخص
من جهتها، رأت كنعان أنّ المطران خضر درس الحضارة العربية الفلسفية، وهو مفتون باللغة العربية، وحمل لقب “قديس بار” وعُرف بفصاحته وبلاغته وتتبُّع كلمة الحق، وله مقالات فارقة في كتابات العرب
كذلك، نظّم النادي ندوة حول كتاب “مئوية الغربال” تحدّث فيها كل من: ميراي شحادة والدكتور محمد أبوعلي وسهى نعيمة وسليمان بختي
شحادة قالت:”إنّ من غربال ميخائيل نعيْمة رؤية وقِيمًا منذ العام 1923 إلى يومنا هذا”، داعية إلى إدراج الغربال في الدستور اللبناني وجعله من قيم مفاهيم الهدى لساستنا قبل الأدباء، كما دعت إلى الانتماء إلى مدرسة الغربال والمثابرة في نتاجنا الثقافي والمعرفي والوطني والسياسي
أمّا الدكتور أبوعلي فقال:”ينبغي الوقوف أمام حقيقة أنَّ مَنْ كتب الغربال هو شاب في العشرينات من عمره، تناول الشعر والأدب والنقد واللغة
بدورها، حفيدة نعيْمة سهى وصفت جدَّها بأنّه رسول الكلمة الحرة، واقتبست مقتطفات من الغربال، وكذلك من قصائد لجبران خليل جبران، لتؤكد أنّ كتاب الغربال هو منارة لكل الأجيال لأنَّ محوره الإنسان
ورأى بختي أن ميخائيل نعيمة سدّد نقده نحو المعنى والإصلاح، وهو مَنْ صحّح مقاييس الأدب والحياة